ولن يعرف أحد عظمة القرآن، ولن يستضيئ بنوره، ولن يتوصل إلى كنوز معارفه، إذا لم يتدبر آياته تدبرا مباشرا من غير أن يكون بينه وبينه أيّ واسطة !

وأصحاب رسول الله لم يملؤوا أكفّهم بكنوز القرآن إلا بعد ما عايشوه عيشة صدق، وأحيوا به ليلهم ونهارهم، وتدبّروه وتذوّقوه وامتصّوا معانيه كما تمتصّ النحل أوراق الشجرة وأزهارها وثمارها، فكان أن تشبّعوا بعلوم القرآن ومعارفه، وتفجّروا بحكمه وأسراره، وأصبحوا كمثل النجوم التي يسري بها الساري !

فلابد من تدبر القرآن، ولابد من معايشة آياته، ولابد من الغوص في بحر معانيه، إذا كنا نريد أن ننال منه ماناله أصحاب رسول الله من مجد وسؤدد، ومن كرامة وسعادة في الدنيا والآخرة !

وهذا التدبر، وهذا الغوص، وهذه المعايشة لابد لها من أسس ثابتة وضوابط مدروسة، حتى لانحيد عن الطريق في تدبرنا، وحتى تكون رحلاتنا وجولاتنا في أجواء القرآن موفّقة مباركة.

فذلك جهد المقلّ في بيان تلك الأسس الثابتة وتلك الضوابط المدروسة لتدبر آيات القرآن، والله الهادي إلى سواء السبيل.