المقالات
إن هي إلا ثمرات هدم الخلافة!
محمد عناية الله أسد سبحاني
جاءتنا في الأيام الأخيرة من هذا الشهر المبارك- شهر رمضان، أنباء مؤلمة ومخجلة ومخزية عن المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، والذي كان قبلة المسلمين في مطلع تاريخهم المجيد!
فأبناء القدس البررة تكون منهم محاولات جادّة ومتكررة لأداء الصلوات والعبادات في مسجدهم هذا، وهذا حقهم المشروع، ومقتضى إيمانهم بالله ورسله العظام.
وجنود إسرائيل الملعونة تمنعهم من ذلك بكل وحشية وهمجية!
وإذا عجزوا عن دفعهم بالراح، أطلقوا عليهم الرصاص، وأمطروا عليهم الغازات السامّة، وأمطروا الغازات المسيلة للدموع من غير استحياء!
وانجلت تلك الصدامات العنيفة الدامية المتكررة، التي حصلت بينهم وبين الشباب والفتيات، والعجائز والأطفال عن قتلى وجرحى كثيرين من أبناء القدس، منهم أطفال، ونساء، وكبار السنّ!
وتلك الصدامات الدامية ليست قصة يوم وليلة، بل هي أصبحت عادة، حيث تحدث بعد كل فترة. وفي كل مرة تسقط ضحايا كثيرة لهذا العدوان الغاشم.
وهنا يلحّ علينا سؤال، سؤال يجعل الحليم حيران!
كيف استطاع أبناء القردة والخنازير أن يفعلوا ما يفعلون في فلسطين؟
وكيف استطاع قوم لعنهم الله وغضب عليهم أن يفعلوا تلك الأفاعيل المخجلة بأمة الإسلام؟
هل تصدّقوننا يا علماء الإسلام؟ إذا قلنا إجابة على هذا السؤال:
عسى أن تكون هذه عقوبة من الله!
عقوبة من الله للمسلمين على خذلانهم للخلافة العثمانية الراشدة!
نعم، لم يكن الخذلان من الشعب المسلم الشجاع والشعب العربي الباسل، وإنما كان ذلك من الملوك والأمراء الغافلين الغادرين في الشرق الأوسط، الذين تسلطوا ظلما وقهرا على رقاب شعوبهم، وكانوا لعبة في أيدي أعداء الإسلام، فأعداء الإسلام كانوا يستخدمونهم لأهدافهم الهابطة ومآربهم الساقطة، وهم كانوا يطبّلون لهم، ويرقصون كالدُّمية في أيديهم.
هم أمروهم بالعصيان والتمرد على القانون!
وأمروهم بالخروج على نظام الخلافة!
وأمروهم بالتخريب والتدمير والتحريق في مؤسسات الخلافة!
وأمروهم بنشر الإشاعات والدعايات الكاذبة الفاجرة ضد السلطان عبد الحميد الثاني، السلطان التقيّ النقيّ العادل الحازم!
وأمروهم بإشاعة الفوضى والفساد وسفك الدماء في عواصم الخلافة!
فهم أطاعوهم كالعبيد السفلة، وفعلوا كلما أمروا به من الموبقات، وكانوا مثالا للمثل السائر: "على أهلها جنت براقش" وهو اسم كَلبةٍ لقبيلة، فهؤلاء الملوك والأمراء العبيد جنوا على الأمة الإسلامية كلها، مثلما جنت براقش على قومها!
وهكذا تهدمت الخلافة الراشدة على أيدي ملوكنا وأمرائنا الأرذلين، والشعب العربي المسلم لم ينكر تلك المنكرات بجدّ، ولم يأخذ على أيدي هؤلاء الغواة الطغاة بجدّ، ولاذ بالصمت و السكوت على أفاعيلهم!
وهكذا كانوا شركاء ملوكهم وأمرائهم في الإثم، وكانوا شركاءهم في العقوبة!
فأيّ عجب؟ إن طال بكاؤُنا وعويلُنا!
وأيّ غرابة؟ إن طال بؤسنا وشقاؤنا، وطال ذلّنا وهواننا!
نعم، ما انهدمت الخلافة إلا بسبب غبائنا وانخداعنا بالدعايات الكاذبة المزوّرة ضد الخلافة، فالخلافة كانت راشدة، وكانت ناصحة للأمة، وكانت جادة في خدمة المسجد الأقصى وحصانته، كما كانت جادة في خدمة الحرمين الشريفين وحصانتهما، وكانت لها أعمال وقرارات وبطولات لاتُنسى! بطولات كانت كلها في صالح الأمة الإسلامية!
وما انهدمت تلك الخلافة الراشدة إلا بسبب وقوعنا في حبائل أعدائنا الحاقدين المفسدين! وما انهدمت إلا بسبب خذلاننا لمن كانوا يقومون بمهامّ الخلافة، وكانوا يسهرون على مصالح الإ سلام وأمة الإسلام.
ألا، فليعلم من لا يعلم، أن الأمة الإسلامية لابقاء لها، ولا كرامة بدون الخلافة الراشدة!
وإذا لم تكن الخلافة الراشدة، فملك عضوض! وسلطان جائر، لامحالة!
وهذا الملك العضوض، وهذا السلطان الجائر هو الذي جرّ علينا الويلات والنكبات تباعا عبر تاريخنا، وأفنى أحرار الأمة، وحوّل الأمة المسلمة من أمة الأحرار إلى أمة العبيد!
لقد مرّ علينا دهر طويل في ظل الخلافة العثمانية الراشدة، وكنا آمنين مطمئنين في ديارنا، وكنا مستريحي البال، ومرفوعي الهام في وسط أقوام العالم، وأعداؤنا-اليهود والنصارى-كانوا يعضّون علينا الأنامل من الغيظ!
وكانوا يبيتون على أحرّ من جمر الغضى حسداً على سعادتنا وكرامتنا، وحسداً على أمننا ورفاهيتنا، وحسدا على تقدمنا وازدهارنا في جميع مجالات الحياة!
والآن كيف تغيرت الأمور بعد ما تسلط علينا الملك العضوض؟
وكيف تغيرت أوضاعنا بعد انهدام الخلافة، وسيطرة اليهود على السياسة؟
أرقرق دمعي كي أبرّد غلة ... بقلب على جمر الهموم مقلّب!
لاشك أن المقاومة مستمرة في ديار فلسطين، والشباب والفتيات، والشيوخ واالأطفال هممهم عالية شامخة، وهم يلعبون دورهم الباسل المذهل في مقاومة العدوّ، ولكن إلى متى؟
إلى متى يقاوم الشعب الفلسطيني العزّل دولة إسرائيل ودول أحلافها؟
ويا للأسف! إن أحلاف إسرائيل ليسوا إلا من بني جلدتنا!
وهم كثيرون معروفون، وجنودهم المدربون المدججون بالسلاح يفوق عددهم عدد إخواننا وأبناءنا في فلسطين المحتلّة مرات ومرات!
وإذاً، فلابد من تأسيس الخلافة الراشدة من جديد!
لابد من تأسيس الخلافة الراشدة بعيدا عن ملوكنا العبيد! وأمرائنا العبيد! وحكامنا العبيد!
اللهم أرحنا من ملوكنا الظالمين، وأرحنا من الأمراء الأرذلين، وهيء لنا من فضلك وكرمك الخلفاء الراشدين، الذين يحملون رسالتك، ويرفعون لواءك، وينصحون لدينك وأمة رسولك.
هذا، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى خلفائه الراشدين، وأصحابه الغرّ الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.