مشاركة:

المقالات


image not found

لقد رفعتم هامة الإسلام يا صقور المقاومة!

محمد عناية الله أسد سبحاني

نشر في الموقع الإسلاميون يوم 20-07-2014

 

هاجمت إسرائيل غزة هجوما ظالما شرسا ! هجوما ضاريا عبوسا ! هجوما يستحيي  منه الكلب العقور والذئب المسعور!

هاجمت إسرائيل غزة، ووراءها أمريكا بسمومها الفتّاكة، وغازاتها المحرقة، وأسلحتها المدمرة. وكان هذا الهجوم الوحشي بغتة بدون تنبيه أوإنذار!

  وماكان هذا الهجوم على دولة فلسطين، ومنها غزة، وإنما كان على شعبها المسكين الأعزل ! وسلطة فلسطين برئيسها محمود عباس، ربيب الصهاينة ! ما كان دورها دور الحماية  لشعب غزة، وإنما كان دور المكر والغدر والختر والخيانة ! كان دورالصديق المتواطئ مع العدو!

والظاهرة التي تدمي العيون وتقرح الجفون أن الأنظمة العربية، التي تجاورها، وهي مصر والسعودية وأمارات الخليج، كانت كلها متواطئة مع العدو، وكانت تدعمه بأموالها وسلاحها، وكانت تضيّق الخناق على غزة وأهلها في صالح العدو!

 وكانت تلوم، أوتسخر من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"،  التي كانت تتصدى للعدو الحاقد الحانق بكل شموخ وصمود، وكانت تدافع عن كرامتها، وكرامة قومها، وكرامة أرضها بشجاعة وبسالة، قلما يوجد لها نظيرإلا في أخواتها من الحركات الإسلامية !

إنها تصدت للعدوبكل صمود وشموخ مع أنها كانت في أشد حالات العسرة ! إنها كانت من الضيق و الضغط، بحيث لا تملك من الغذاء والمياه والدواء، ماتسدّ به الرمق، أوتطفئ به حرارة العطش، أوتداوي به ما أصابها من كسر وجرح وحرق !

فكم منهم من يعالج جوعه بأوراق الشجر، وكم منهم من يشرب مالا يصلح للشرب، وكم منهم من تصيبه إصابات خطيرة، ثم يلفظ أنفاسه الأخيرة من غيرأن يذوق شيئا من الأدوية والأشربة !

ومع كل ذلك كانت تلك الفئات الباسلة المجاهدة تقاوم العدوّمن غير وهن، ولااستكانة! وكانت تستقبل هجماته الوحشيّة الشرسة بكل بسالة واستماتة، مستعينة بربها، ومعتزة بإيمانها، و هي تتغنى بقوله تعالى:"حسبنا الله ونعم الوكيل"

وقوله تعالى:"لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا"، وماإلى ذلك من الأذكاروالآيات النيرة القوية، التي تزيد المؤمنين إيمانا، وتملؤهم قوة وثباتا.

لله دركم يا أهل غزة ! ولله دركم يا صقور المقاومة ! فقد ذكرتمونا عهد صحابة رسول الله، ومن بعدهم من السلف الأمجاد الأنجاد !

لله دركم ياأسود الحماس، فقدعلمتمونا الشيئ الكثير!

لقد علمتمونا كيف تعيش الأمم بكل شموخ وإباء وكرامة، مع ظمء وجوع متناهٍ، وحصارذليل متواصل، ومع ذبح وحرق جماعي، ومع خوف تذوب له الرواسي!

 لقد علمتمونا كيف تواجه الأمم أعداءها، وكيف تصون كرامتها، وتذود عن حريتها مع قلة الوسائل وقلة الإمكانيات، ومع قلة السلاح وقلة العتاد، ومع خذلان الصديق وشراسة العدو ! والعدوقوي خبيث، ووراءه عدوأقوى وأخبث، وهويمدّه بأخطرمالديه من أدوات الفتك والتدمير !

هذه الحرب الضروس المشئومة، التي خضتموها ياأسود الحماس! ثم خرجتم منها ظافرين، شامخين، منتصرين، مرفوعي الرأس، من آيات الله، ولاشك !

إنها دليل على صدق إيمانكم، ودليل على وجاهتكم عندربكم فالتقديرات البشرية كلها كانت توحي بهزيمة فاقرة تقصم الظهر، ولكن الله سلّم !

لقد علمتمونا ياصقورالمقاومة ! أن أعداء الإسلام، مع كل ما يملكون من الدبابات والمدرعات، و الصواريخ والمروحيات، والسموم والغازات، والقنابل بجميع أنواعها المحرقة الموبقة، لا يستطيعون أن يصمدوا أمام جنود الحق، ولايقدرون على أن يسبقوا جيوش الإيمان!

فأهلا أهلا يا أسود الحماس !

وأهلا أهلا ياصقورالمقاومة !

فقد أصبحتم بإيمانكم السامق الشامخ، و ببطولاتكم الخارقة المدهشة أعز علينا من أنفسنا وأهلينا ! فأنتم تيجان رؤوسنا، ويوسف أحلامنا!

ولو وجدنا غبارأقدامكم لكحّلنا به عيوننا، وطيّبنا به ثيابنا !

          أنتم في هذا العصرالحالك المظلم مثل البدرالمنير في الليلة الظلماء !

          أنتم في وسط هذه الأمة، التي كادت تلفظ أنفاسهاالأخيرة ـ كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة؛ لأنهاخلت من مقومات الحياة، وخلت من تلك القيم، التي تضمن لها الكرامة، وخلت من تلك القيادات التى تقودها إلى المجد والسؤدد والسعادة!

    أنتم الآن لهذه الأمة، فى مثل هذه الأوضاع القاتمة، مثل الروح للجسد المأكول المهزول، فقد نفختم فى الشباب والفتيات روح الحياة، وأشعرتموهم معنى العزوالسمو، ومعنى القوة والمجد، ومعنى الشموخ والكرامة.

أنتم كتبتم بدمائكم الغالية الزاكية وبتضحياتكم الباهظة المدهشة تاريخا جديدا مشرقا، تاريخا تعتز به الأمم الإسلامية الواعية عبر العصور، وتستنير به الأجيال المؤمنة القادمة إلى يوم النشور!

اليوم تحول وعي المسلم من طور إلى طور، ومن حالة إلى حالة، بفضل هذه المقاومة المؤمنة الباسلة؛ فقد كنا قبل أيام فى خوف وفي وجل شديد، كنا فى خوف من العدو المحنق الخانق، وفي وجل من الصديق المنافق، وكنا فى شبه يأس من استعلاء الإيمان وغلبة الإسلام لهيمنة الأعداء وخنوع الحكام !

ولكنكم الآن بتجربتكم المريرة القاسية الناجحة الرائعة مع إسرائيل، وشقيقاتها دول الخليج، وأمها أمريكا! كشفتم الغطاء، وأثبتم أننا أخطأنا فيما ظننا وفيما قدّرنا، وأعدتم إلينا ثقتنا بنصرالله وبحيوية دين الله، وأقمتم الحجة على أن الإسلام، ولوكان غريباأعزل، ينتصر على الكفروالنفاق ولو كان الكفروالنفاق فى أوج قوته وسلطانه !

وبصّرتمونا أن الحق   يدمغ الباطل ولو كانت فئته قليلة ضئيلة، ولوكان الباطل مع جيوش جرارة مدججة. ولقد صدق ربنا سبحانه وتعالى إذ قال:

(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.ولكم الويل مما تصفون)

والعجب كل العجب أن عامة المسلمين أدركوا هذا الواقع ولمسوه بأيديهم، ولكن القادة الحكام ما زالوا فى رعب من العدو.وما زالوا فى حجاب من الواقع !

والذي يدعوإلى الأسف أنهم أقاموا أنفسهم فى طابور الأعداء، حيث يخافون إخوانهم، ويأمنون أعداءهم! ومن أمن عدوه،وخاف شقيقه فلايلومنّ إلانفسه.فصحبة الأفاعي لاتأتي إلا بالدواهي ! وصداقة أهل النارلاتقود إلا إلى البوار!

ولماذا يخاف القادة الحكام إخوانهم؟ لعلهم يخافون أنهم إذا كانوا قادرين على أن يضربوا العدوالغاشم، ويزلزلوا بنيانهم مع قوتهم وسلطانهم، فهم أقدر على أن يحطموهم أويهمّشوهم، إذا انقلبوا عليهم !

ولكنه وهم باطل وهاجس خاطئ. فإن رجال المقاومة أوعى من ذلك و أعقل!

هم لا يحاربون إلا أعداء الله ولايقاتلون إلا أعداء البشرية !

 وهؤلاء الأعداء معروفون شاخصون، حتى تعرفهم الكلاب والذئاب، و تعرفهم الأفاعى والحشرات، فالعالم كله يعرف من هم أعداء الله وأعداء البشرية فى نفس الوقت!

وكيف أمن حكام المسلمين  هؤلاء الأعداء؟ ألايسمعون ربهم يناديهم :

(ياأيهاالذين آمنوا لاتتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ماعنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وماتخفي صدورهم أكبرقد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)

فإن كان قادتنا وحكامنا يسمعون مثل تلك النداءات الربانية، ثم يوالون هؤلاء الأعداء، الذين يلغون في دماء المسلمين الأبرياء ولايرتوون ! ويأكلون لحومهم و يمضغون عظامهم ولا يشبعون!

هم يمدون إليهم يد الصداقة والأخوة ويتخذونهم بطانة من دون المؤمنين! ويدعون المهضومين الموتورين إلى أن يتناسوا ذلك الماضي المرير، ويبنوا مستقبلهم الجديد على أساس الصداقة والمودة لهؤلاء الأعداء، فهذه، تالله، كارثة مخجلة !

هذه، تالله، معارضة واضحة صريحة لتحذير القرآن !

فالله! الله! يا حكام المسلمين !

الله ! الله ! يا علماء المسلمين ! الذين يطبلون لملوكهم وحكامهم زورا !

ولا تنسوا أن كلماتكم كلها محسوبة ومسجلة، و ستسألون عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

 وإياكم، إياكم ياعلماء الإسلام أن تخشوا حكامكم كخشية الله أوأشد خشية!

وإياكم إياكم أن تجاوبوهم في كل مايشتهون، فتصدروا فتاوى ترضيهم، وتسخط ربكم !

لاتفسدوا آخرتكم لأجل دنياهم، بل أصلحوا دنياكم وآخرتكم بطاعة ربكم. وأصلحوا دنياهم وآخرتهم بدعوتهم إلى المعروف، ونهيهم عن المنكر.

قولوا لهم:إن كانوا يريدون العزة، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وليس لأعداء الله ! فأعداء الله ليس لهم إلاخزي الدنيا والآخرة !

فليكونوا متمسكين بكتاب الله وسنة رسول الله، وكتاب الله يحذرهم موالاة أعداء الله، ورسول الله كان بريئا من أعداء الله، فليفعلوا مثل مافعل رسول الله، وليكونوا أولياء للمؤمنين، (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)

    وقولوا لهم: إن كانوا مسلمين، ويريدون الإسلام فالمسلمون كلهم جنودهم، ولو اجتمع المسلمون كلهم:علماؤهم، وحكامهم، ورعيتهم على كلمة الإسلام، فتلك قوة لا تقوم أمامها أية قوة في العالم!

فليدركوا سر قوتهم وعزتهم، ولايجروا وراء السراب، فالذي يجري وراء السراب، لايملؤ يديه إلا التراب !

وأما أنتم يا أسود الحماس، ويا صقور المقاومة، فواصلوا مسيركم، وربكم يكلؤكم و يرعا كم، وينصركم، كما نصرالذين من قبلكم من جنود الرحمن.

ولاتحزنوا أبدا إذا تنكر لكم الحكام، فإنكم تعيشون في قلوب الشباب الأحرار الأبرار، وتعيشون في قلوب من لا يحصون من صالحي المؤمنين والمؤمنات في العالم !

وتلك سعادة لا ينالها الملوك والحكام، ولا يلقاها إلا ذوحظ عظيم!